النجمة التي فقدت بريقها

النجمة التي فقدت بريقها

في ليلة من ليالي الشتاء الباردة، حين كان الكون مغطى بغطاء من السكون والنجوم تلمع في السماء كأنها حبات من الألماس المتناثرة، كانت هناك نجمة صغيرة تسكن في إحدى زوايا السماء. هذه النجمة كانت معروفة بين النجوم بلمعانها الاستثنائي الذي كان يضفي جمالًا خاصًا على الليل.

لكن في أحد الأيام، بدأت النجمة تفقد بريقها تدريجيًا. كانت تلاحظ أن لمعانها يضعف يومًا بعد يوم، ولم تكن تعرف السبب. حاولت أن تتجاهل الأمر في البداية، معتقدة أنه ربما مجرد فترة عابرة. ولكن عندما لاحظت أن النجوم الأخرى بدأت تهمس وتتحدث عن تلاشي بريقها، شعرت بالخوف والقلق.

توجهت النجمة الصغيرة إلى “الرياح السماوية”، وهي حكيمة السماء التي كانت تعرف أسرار الكون. سألتها النجمة بحزن: “لماذا أفقد بريقي؟ هل فعلت شيئًا خاطئًا؟”

نظرت الرياح السماوية إلى النجمة الصغيرة بعينين مليئتين بالحكمة وقالت: “بريقك لم يتلاشَ بسبب خطأ ارتكبته. النجوم تستمد بريقها من الطاقة التي تعيش داخلها. ولكن عندما تتوقف عن الإيمان بجمالك وقيمتك، فإن طاقتك الداخلية تضعف، وبذلك يتلاشى بريقك تدريجيًا.”

تفاجأت النجمة الصغيرة بهذه الكلمات. كيف يمكن للإيمان بالنفس أن يؤثر على بريقها؟ لم تكن قد فكرت في ذلك من قبل. سألت الرياح السماوية: “كيف يمكنني استعادة بريقي؟”

ابتسمت الرياح وقالت: “لتستعيدي بريقك، عليك أن تبدأي برحلة داخلية. تعرفي على نفسك من جديد. تذكري الأيام التي كنت فيها أكثر إشراقًا، واسألي نفسك: ما الذي كان يجعلني أضيء؟”

بدأت النجمة الصغيرة رحلتها. قررت أن تسافر عبر السماء لتبحث عن ذكرياتها، ولتتحدث مع الكواكب والغيوم وحتى الأفق الذي كان يشهد كل ليلة شروقها وغروبها.

في رحلتها، قابلت القمر الذي كان يشع بنوره الباهت. قال لها القمر: “كنت دائمًا أراقبك وأتعجب من إشراقك. كنتِ تعطين الليل سحره. هل تذكرين الليالي التي كنتِ ترسمين فيها الأحلام على وجوه البشر؟”

تذكرت النجمة الصغيرة تلك الليالي، وتذكرت كيف كانت تشعر بالسعادة عندما كانت ترى الأمنيات ترتفع نحوها من الأرض. كانت تعلم أن وجودها له معنى عميق، وأنها كانت سببًا في إلهام الكثيرين.

بعد ذلك، قابلت السحابة البيضاء التي كانت تسافر معها في رحلاتها الليلية. قالت السحابة: “كنتِ دائمًا تقولين لي أن السماء بدونك ستكون فارغة. لكنني أعتقد أنك نسيتِ هذا الآن.”

بدأت النجمة تشعر بداخلها بشيء يتغير. تذكرت أهميتها في هذا الكون، وتذكرت أنها ليست مجرد نجمة بين آلاف النجوم، بل كانت مصدرًا للأمل والجمال.

عندما عادت النجمة الصغيرة إلى موطنها في السماء، شعرت بشيء غريب. كان بريقها يعود تدريجيًا. بدأت تشعر بالدفء الداخلي الذي فقدته لفترة طويلة. أدركت أن البريق الحقيقي لا يأتي فقط من الخارج، بل من الداخل أيضًا.

ومنذ ذلك اليوم، عادت النجمة لتضيء السماء بلمعانها الذي لم يكن فقط أجمل من ذي قبل، بل أصبح أكثر قوة لأنه كان ينبع من إيمانها بنفسها.

سؤال للقارئ:

هل تعتقد أنك أحيانًا تفقد “بريقك” بسبب نسيان

قيمتك؟ وكيف يمكنك استعادته؟