الملك والظل الخائن

الملك والظل الخائن

في قديم الزمان، كان هناك ملك حكيم يدعى “مالك” يحكم مملكة عظيمة تقع بين جبال شاهقة ووديان عميقة. كان الملك محبوبًا من شعبه بسبب عدله وحكمته، وكان يراعي مصالح الجميع دون أن يميز بين غني وفقير. على الرغم من أنه كان قويًا في المعركة، إلا أن قلبه كان مليئًا بالرحمة والعطف.

كان للملك “مالك” ظلٌ غريب، ظلٌ لا يتبع قوانين الطبيعة ولا يلتزم بالمعتاد. كان هذا الظل يظهر فقط في الليل، وإذا اقترب منه أحد، كان يشعر بشيء غير طبيعي، كأن الظل يحمل طاقة غريبة وغير مألوفة.

البحث عن سر الظل

في إحدى الليالي، بينما كان الملك جالسًا في قصره يتأمل في مملكته من خلال نافذة كبيرة تطل على الحديقة الملكية، شعر بشيء غريب في قلبه. كان هناك أمر يزعجه. ظلٌ يظهر فجأة ويختفي دون أن يتمكن من معرفة مصدره. قرر الملك أن يكتشف سر هذا الظل الذي بدأ يشعر أنه لا ينتمي إليه.

في اليوم التالي، جمع الملك مستشاريه الأكثر حكمة في المملكة ليبحثوا عن هذا السر. بدأوا رحلتهم في البحث في كتب السحر القديمة والخرائط الأسطورية، ولم يتركوا أي زاوية من المملكة إلا وبحثوا فيها. ومع مرور الأيام، بدأوا يكتشفون أن هذا الظل ربما يكون له علاقة بماضي المملكة القديم، ويعتقدون أنه مرتبط بلعنات قديمة كانت قد أُطلقت على المملكة منذ قرون.

الظل الخائن

بينما كان الملك يواصل بحثه عن إجابات، بدأت تحدث أمور غريبة في المملكة. رأى الناس في الأسواق، في المعابد، وفي الشوارع ظلالًا غير مألوفة تتحرك وتختفي. ولم يكن هذا كل شيء، فقد بدأ الملك يشعر أن أحد مستشاريه المخلصين، الذي كان يثق به كثيرًا، كان يتصرف بغرابة. أصبح هذا المستشار يتجنب اللقاءات المباشرة، وكان دائمًا يظهر وكأنه في عجلة من أمره.

في إحدى الليالي، بينما كان الملك يتجول في القصر، رآى هذا المستشار يقف أمام نافذة كبيرة في الجناح الشرقي، وعيناه مليئتان بالحزن والقلق. اقترب الملك منه وسأله عن سبب تصرفه الغريب، لكن المستشار أدار وجهه بسرعة، كأنه يخشى أن يكتشف سرًا كان يخفيه.

كشف الحقيقة

أصبح الملك أكثر شكوكًا في مستشاره، فقرر أن يراقبه في سرية. وفي ليلة مظلمة، بينما كان الجميع نائمين، خرج المستشار إلى الغابة المجاورة للقصر. تبع الملك المستشار بصمت، حتى وصل إلى مكان مظلم داخل الغابة حيث وجد المستشار واقفًا أمام حجر ضخم. فجأة، بدأ المستشار يتحدث بلغة غريبة وغير مفهومة، وأخرج من جيبه تمثالًا صغيرًا ووضعه على الحجر.

في تلك اللحظة، بدأ الظل الغريب يظهر أمام الملك، ليكشف عن نفسه على أنه ليس سوى ظلال مستشار الملك نفسه، الذي كان قد خان عهده مع قوى الظلام. فقد كانت تلك القوى تسعى للسيطرة على المملكة عبر هذا الظل الخائن.

القرار الصعب

عرف الملك الآن أن مستشاره كان قد وقع في فخ الظلام وأنه قد أصبح جزءًا من خطة هدم المملكة. كان أمامه خياران: إما أن يواجهه ويقضي عليه فورًا، أو أن يحاول إعادته إلى طريق الصواب.

بعد تفكير طويل، قرر الملك أن يمنح مستشاره فرصة أخرى. دعا المستشار إلى القصر في اليوم التالي وواجهه بالحقيقة. قال له: “أنت الآن في مفترق طرق، لا يمكنك العودة إلى الماضي، ولكن لا يزال لديك فرصة لبناء مستقبلك. أعد إليّ ولاءك، وسأساعدك على التخلص من هذا الظل المظلم”.

الظل والتضحية

كان المستشار في البداية في حالة من الإنكار، ولكنه بدأ يشعر بالتأثير السلبي للظلام الذي كان يسكنه. بمرور الوقت، أصبح قادرًا على التخلص من ظله الخائن بعد أن قدم تضحيات كبيرة، وتعرض للعديد من التجارب الصعبة. عاد إلى الملك ليعتذر عن خطاياه، وقال له: “لقد تخلّيت عنك، لكنك منحتي الفرصة لإصلاح ما أفسدت”.

قبل الملك اعتذاره، واحتفل الشعب بعودة مستشارهم الذي تم إصلاحه. لكن هذا الحادث ترك في الملك درسًا عميقًا. تعلم أن القوة لا تكمن فقط في الحروب والمعارك، بل في القدرة على المغفرة والرحمة.

النهاية

مرت سنوات عديدة، وعاشت المملكة في سلام وازدهار. ولكن في أحد الأيام، بينما كان الملك “مالك” يتنزه في حديقته الملكية، شعر بشيء غريب. التفت وراءه ليجد الظل الغريب مرة أخرى، ولكن هذه المرة كان الظل يظهر بشكل مختلف. لم يكن ظلًا مظلمًا، بل ظلًا يحمل الضوء، كأنه يرمز إلى بداية جديدة.

سأله الملك: “هل هي النهاية أم بداية جديدة؟”

السؤال للقارئ: ما رأيك في موقف الملك؟ هل تعتقد أنه كان يجب أن يتخذ قرارًا مختلفًا تجاه مستشاره؟ وكيف يمكن أن تؤثر المغفرة في حياة الإنسان؟

رابط القصص: عالم القصص