الساعة المتوقفة

 

قصة الساعة المتوقفة

 

في قرية صغيرة تقع على أطراف المدينة، كان هناك منزل قديم يشبه إلى حدٍ كبير تلك المنازل التي تُحكى عنها في الأساطير. كان هذا المنزل ملكًا لرجل عجوز يُدعى “عم نعيم”، وهو صانع ساعات ماهر. لكن اللافت للنظر في هذا المنزل لم يكن أثاثه القديم أو حديقته المهملة، بل كانت ساعة قديمة متوقفة تُعلّق في صدر الغرفة الرئيسية.

 

ساعة غريبة وغامضة

 

تلك الساعة الضخمة، ذات اللون الذهبي الباهت والزجاج المليء بالخدوش، لم تتحرك منذ عقود. توقفت عقاربها عند الساعة الثالثة تمامًا. يروي أهل القرية أن الساعة توقفت فجأة يومًا ما في منتصف الليل، ومنذ ذلك الحين لم تشتغل أبدًا.

 

كل من زار عم نعيم سأل عن سر الساعة المتوقفة، لكنه كان يكتفي بابتسامة غامضة ويقول:

“عندما يحين الوقت المناسب، ستعود للعمل.”

 

كلمات العجوز زادت من فضول الناس، وبدأ البعض يظن أن هناك سرًا دفينًا وراء توقف الساعة. البعض قال إنها مسحورة، وآخرون اعتقدوا أن توقفها كان نذير شؤم.

 

 

—

 

الساعة المتوقفة وأسرار الزمن

 

مرت السنوات، ورحل عم نعيم عن الدنيا تاركًا وراءه منزله القديم والساعة المتوقفة. أصبح المنزل مهجورًا، لكن الساعة ظلت في مكانها، وكأن الزمن نسيها كما نسيت عقاربها أن تتحرك.

 

في يومٍ من الأيام، قرر شاب يُدعى “عمر”، يعمل كصحفي محب للقصص الغريبة، أن يزور منزل عم نعيم ليحقق في سر الساعة المتوقفة. كان عمر يعشق المغامرات ويبحث دائمًا عن أمور تُبهر القرّاء.

 

عندما دخل المنزل لأول مرة، شعر بشيء غريب في الأجواء؛ كان المكان هادئًا بشكل مرعب، وكأن كل شيء فيه ينتظر حدثًا ما. تجول عمر في أرجاء المنزل حتى وصل إلى الساعة. نظر إليها بإمعان ثم لمس عقاربها المتوقفة.

 

 

—

 

لحظة توقف الزمن

 

بمجرد أن وضع يده على الساعة، سمع صوتًا غريبًا أشبه بصوت دقات قلب. في البداية ظن أن خياله يخدعه، لكن الصوت ازداد قوة، حتى بدأت الساعة تهتز! فجأة، تحركت عقارب الساعة ببطء لتصل إلى الساعة الثالثة وربع، ثم توقفت مرة أخرى.

 

فزع عمر وابتعد، لكنه لاحظ شيئًا غريبًا: الوقت من حوله قد تجمّد. كان كل شيء في المنزل ساكنًا تمامًا، حتى الهواء. نظر عمر من النافذة ليرى أن القرية بأكملها قد توقفت عن الحركة؛ الطيور ثابتة في السماء، والأشجار متجمدة كما لو كانت لوحة مرسومة.

 

صرخ عمر محاولًا أن يفهم ما يحدث، لكن لم يجبه أحد. في تلك اللحظة، سمع همسًا قادمًا من داخل الساعة يقول:

“الزمن أمانة، من يعبث به سيدفع الثمن.”

 

 

—

 

لغز الساعة المتوقفة

 

أدرك عمر أنه قد يكون عالقًا في الزمن بسبب لمسه للساعة. بدأ يبحث في كل مكان عن دليل يقوده لفك هذا اللغز. عثر أخيرًا على مذكرات قديمة تخص عم نعيم. كتب العجوز في إحدى الصفحات:

 

“الساعة ليست مجرد آلة، بل هي بوابة تحكم الزمن. توقفها كان لحماية الناس من كارثة أكبر. من يحاول تحريكها سيعلق بين لحظتين أبدًا.”

 

فهم عمر أن عليه إعادة عقارب الساعة إلى وضعها الأصلي، الساعة الثالثة تمامًا، ليعيد تدفق الزمن إلى طبيعته. ببطء وبحذر، أعاد عمر ضبط العقارب، ومع كل حركة، بدأ العالم حوله يستعيد حياته. عندما وصلت الساعة إلى الثالثة، عاد كل شيء كما كان.

 

 

—

 

الحكمة المستفادة

 

خرج عمر من المنزل بسلام، لكنه تعلم درسًا مهمًا: الزمن هو أثمن ما نملكه، ولا يجب أن نعبث به أو نضيّعه. ظلّت الساعة في مكانها، متوقفة عند الثالثة تمامًا، وكأنها تحذير دائم لكل من تسوّل له نفسه محاولة السيطرة على الزمن.

 

أصبح عمر ينشر قصته في كل مكان، ليحكي عن مغامرته مع الساعة المتوقفة وكيف كانت رمزًا لقوة الزمن وقدسيته.

 

 

—

 

الخاتمة

 

هكذا ظلت الساعة المتوقفة أسطورة تحكى في القرية، يتناقلها الكبار للصغار كحكاية تحذرهم من إهدار الوقت. وكما قال عم نعيم:

“عندما يحين الوقت المناسب، ستفهمون قيمة كل ثانية.”

 

 

–