الريشة الذهبية

الريشة الذهبية: أسطورة ملهمة عن السعي وراء الأحلام

في زمنٍ بعيد، وفي قرية صغيرة محاطة بالغابات الكثيفة، عاش شابٌ يُدعى “سليم”. كان سليم رسامًا موهوبًا، يُحب الطبيعة ويرسمها بتفاصيلها المبهرة. لكن رغم موهبته، كان الفقر يطغى على حياته، ولم تكن لوحاته تلقى الاهتمام الذي يستحقه. كان حلمه أن يُصبح رسامًا مشهورًا، ولكن كل الأبواب كانت تبدو مغلقة أمامه.

بداية الأسطورة

ذات يومٍ، بينما كان سليم يتجول في الغابة بحثًا عن الإلهام، لمح شيئًا غريبًا يلمع بين الأشجار. اقترب بحذر، ليجد ريشة ذهبية تتألق تحت أشعة الشمس. كانت الريشة غير عادية، فقد شعرت أنفاسه تتوقف للحظة عندما أمسك بها. كانت دافئة بشكل غريب وكأنها تحوي قوة سحرية.

عاد سليم إلى منزله وأخذ يجرب الرسم بالريشة الذهبية. وكانت المفاجأة أنه بمجرد أن مرّرها على الورق، بدأت الرسمة تُصبح حقيقية! رسم طائرًا صغيرًا، وإذا بالطائر يقفز من الورقة ليطير حول الغرفة! شعر سليم بدهشة وحيرة، لكنه أدرك أن هذه الريشة هي المفتاح لتحقيق أحلامه.

قوة الريشة الذهبية

بدأ سليم باستخدام الريشة في رسم مشاهد طبيعية مذهلة وحيوانات مختلفة، وكان يبيعها للسكان المحليين الذين أذهلتهم الواقعية السحرية لتلك اللوحات. سرعان ما بدأت شهرته تنتشر، وأصبح الناس يتوافدون من القرى المجاورة لرؤية إبداعاته.

لكن مع كل نجاح جديد، كان سليم يشعر بعبء غريب. الريشة، رغم جمالها، كانت تُرهقه نفسيًا وجسديًا. كان يشعر أن هناك قوة غامضة تُسيطر عليه، وكأن الريشة تطالبه بالمزيد.

الرحلة لكشف السر

في إحدى الليالي، وبينما كان سليم يرسم لوحة كبيرة لمدينة خيالية، ظهر له شيخ عجوز في المنام. قال له الشيخ: “يا بني، الريشة التي تحملها ليست مجرد أداة، بل هي جزء من أسطورة قديمة. يُقال إنها تعود لطائر العنقاء الأسطوري، الذي وهب جزءًا من قوته لهذه الريشة. لكن احذر، فالقوة العظيمة تأتي بثمن.”

استيقظ سليم من نومه وقد عقد العزم على معرفة الحقيقة وراء الريشة. بدأ البحث في الكتب القديمة واستفسر من كبار السن في القرى المجاورة. أخيرًا، وجد كتابًا يتحدث عن الريشة الذهبية. كُتب في الكتاب أن الريشة تمنح القوة والإبداع لمن يحملها، لكنها تسحب منه جزءًا من طاقته وحياته تدريجيًا.

القرار الصعب

أدرك سليم أن عليه الاختيار بين التخلي عن الريشة وإنقاذ نفسه، أو الاحتفاظ بها ومواصلة النجاح الذي لطالما حلم به. لم يكن القرار سهلًا، لكنه قرر مواجهة التحدي. أخذ الريشة وتوجه إلى قمة جبل بعيد، حيث يُقال إن طائر العنقاء يظهر عند شروق الشمس.

لقاء العنقاء

عند وصوله إلى قمة الجبل، وقف سليم تحت السماء المليئة بالنجوم، ينتظر شروق الشمس. مع أول شعاع من النور، ظهر طائر العنقاء في مشهد مهيب. كان الطائر ضخمًا وجميلًا، ريشه يتألق بألوان قوس قزح، وعيناه تلمعان بحكمة الأزمنة.

قال العنقاء لسليم: “لقد أثبت أنك تستحق هذه القوة، لكنك أيضًا أظهرت الحكمة في السعي للتخلي عنها. سأمنحك اختيارًا آخر: يمكنك الاحتفاظ بالريشة دون أي خطر على حياتك، لكن عليك أن تستخدمها لنشر الخير والإلهام، وليس لتحقيق مكاسب شخصية.”

العودة إلى القرية

وافق سليم على شروط العنقاء، وعاد إلى قريته حاملًا الريشة الذهبية بروح جديدة. بدأ يرسم لوحات تُعبر عن الأمل والحب والجمال، وأصبح مصدر إلهام لكل من حوله. تحولت قريته الصغيرة إلى مركز للفن والثقافة، وتوافد الناس من كل مكان لتعلم الرسم من هذا الفنان الفريد.

الخاتمة

هكذا أصبحت قصة سليم والريشة الذهبية أسطورة يتناقلها الناس على مر الأجيال. لم تكن القصة عن السحر والقوة فقط، بل كانت درسًا في المسؤولية واستخدام المواهب لخدمة الآخرين.

تُعلمنا هذه القصة أن النجاح الحقيقي لا يُقاس بالمكاسب المادية فقط، بل بمدى تأثيرنا الإيجابي على من حولنا. الريشة الذهبية لم تكن مجرد أداة للرسم، بل

كانت رمزًا للحلم والسعي والإلهام.

—