الجار الذي لا ينام
عالم القصص
في إحدى الأحياء الهادئة التي تحيط بها الأشجار من كل جانب، كان هناك رجل يُدعى عادل يعيش في منزل صغير بجانب عائلة جديدة انتقلت حديثًا إلى الحي. كان الحي يعرف الهدوء والسكينة، ولكن منذ انتقال هذه العائلة الجديدة، لاحظ عادل شيئًا غريبًا.
في البداية، لم يكن هناك ما يثير الشكوك. رحَّب عادل بجيرانه الجدد، وهم عائلة صغيرة مكونة من الأب والأم وابنهما الصغير. كانوا ودودين ومهذبين للغاية. ولكن ما لفت انتباه عادل هو أن الأنوار في منزلهم كانت تظل مُضاءة طوال الليل، وكان يسمع أصوات حركات غامضة في ساعات متأخرة من الليل.
ماذا يحدث ليلاً؟
بدأت تساؤلات عادل تتزايد. كان يسهر أحيانًا ليقرأ أو يشاهد التلفاز، لكن صوت الحركات في المنزل المجاور كان يجعله يتوقف عن التركيز. حاول أن يتجاهل الأمر مرارًا، لكنه لم يستطع. في أحد الأيام، قرر أن يتحدث مع الجار مباشرةً.
ذهب عادل إلى الباب وطرق بخفة. فتحت له الجارة بابتسامة، وسألها عن السبب وراء بقاء الأنوار مضاءة طوال الليل. نظرت إليه الجارة قليلاً ثم قالت: “نحن نعمل في مشروع خاص يحتاج إلى العمل ليلاً. لكننا نعتذر إذا تسببنا في أي إزعاج”.
رغم اعتذارها، لم يشعر عادل بالارتياح. فقد كانت الحركات التي يسمعها تبدو وكأنها ليست أعمالًا عادية، بل شيء مختلف تمامًا.
رحلة البحث عن الحقيقة
في ليلة أخرى، قرر عادل أن يراقب من نافذته لمعرفة ما يحدث. لاحظ أن الجار، الذي لم يتحدث إليه من قبل، يخرج من المنزل في منتصف الليل ويحمل شيئًا يبدو ثقيلًا ملفوفًا في قطعة قماش. كان يتحرك بسرعة وكأنه لا يريد أن يراه أحد. عاد الرجل بعد ساعة تقريبًا، وأعاد نفس الشيء في الليالي التالية.
بدأ الشك يزداد في قلب عادل. ماذا يحمل هذا الرجل؟ ولماذا يخرج في هذا الوقت المتأخر دائمًا؟ قرر أن يسأل جارًا آخر في الحي عن هذه العائلة، لكنه لم يحصل على إجابة شافية. يبدو أن الجميع لم يتعرفوا عليهم بشكل جيد بعد انتقالهم.
المواجهة
بعد عدة أيام من الترقب، قرر عادل أن يواجه الجار بشكل مباشر. طرق الباب في وضح النهار هذه المرة. فتح الجار له الباب وعلامات الإرهاق بادية على وجهه. بادره عادل بالسؤال: “ألاحظ أنك تخرج في الليل بشكل متكرر. هل يمكنني أن أساعدك بشيء؟”.
نظر إليه الرجل قليلاً ثم تنهد وقال: “في الحقيقة، أنا أعتني بأخي الأصغر الذي يعاني من اضطراب نومي نادر. يحتاج إلى المشي ليلاً في الهواء الطلق لكي يهدأ، وهذا ما يجعلنا نخرج في تلك الساعات المتأخرة”.
شعر عادل بالارتياح بعدما سمع هذا التفسير. شكر الجار على صراحته وأبدى استعداده للمساعدة إذا لزم الأمر. وبهذا، انتهى اللغز الذي كان يشغل بال عادل.
الدروس المستفادة
تعلم عادل أن التسرع في الحكم على الآخرين قد يؤدي إلى سوء فهم. ليس كل ما يبدو غريبًا هو بالضرورة أمرًا سيئًا. أحيانًا تكون الأمور أكثر بساطة مما نتخيل.
ماذا كنت ستفعل لو كنت مكان عادل؟