التضحية من أجل الآخرين

ثمن التضحية

في إحدى القرى الصغيرة، عاش رجل يدعى حسان، معروف بطيبته ونبله. كان حسان مزارعًا بسيطًا، ورغم قلة موارده، كان يساعد الجميع. لم يكن أحد يطرق بابه ويعود خائبًا. كان يؤمن أن الخير يعود على صاحبه، حتى لو بدا ذلك بعيدًا.

في يوم من الأيام، اندلعت عاصفة قوية. اجتاحت الرياح الحقول، وحطمت المنازل. تحولت القرية إلى مكان مليء بالدمار. قرر حسان أن يجمع كل ما يملك من مؤن وأموال لمساعدة جيرانه المتضررين. رغم أن عائلته نصحته بالاحتفاظ ببعض المؤن لهم، قال لهم بحزم: “كيف نأكل ونحن نعلم أن جيراننا جائعون؟”

بدأ حسان في توزيع المؤن. كان يطرق أبواب المنازل واحدًا تلو الآخر، يحمل أكياس القمح والخضروات على ظهره. استقبلته العائلات المتضررة بالدعاء والشكر. شعر براحة غريبة في قلبه، وكأنه كان يملأ فراغًا بداخله كلما ساعد شخصًا.

لكن العاصفة لم تكن المشكلة الوحيدة. في القرية، كان هناك رجل يدعى سعيد، معروف بجشعه. كان سعيد يمتلك مخزنًا كبيرًا مليئًا بالمؤن، لكنه رفض مساعدة الآخرين. رأى ما يفعله حسان وشعر بالغيرة. فقرر أن يضع خطة لإفساد سمعته.

نشر سعيد شائعات تقول إن حسان لا يفعل الخير إلا لكسب الشهرة. بدأ الناس يتحدثون بين بعضهم، وتسلل الشك إلى قلوبهم. لكن حسان، رغم ما سمعه، استمر في تقديم المساعدة. لم يكن يهتم بما يقولونه، لأنه كان واثقًا من نيته.

مرّت الأيام، وبدأت القرية تتعافى بفضل جهود حسان وبعض أهل الخير. لكن سعيد استمر في خططه، حتى جاء يوم استدعى فيه حسان أمام مجلس القرية. اتهمه علنًا بأنه استغل الأزمة لتحقيق مكاسب شخصية.

وقف حسان أمام الجميع وقال بهدوء: “لست هنا للدفاع عن نفسي. أنا فقط أردت مساعدة من يحتاج، لأنني كنت سأنتظر المساعدة لو كنت مكانهم. إذا كان ما فعلته يزعج أحدًا، فأنا آسف. لكنني لن أندم على فعل الخير.”

في تلك اللحظة، وقف أحد جيران حسان وقال: “لولا مساعدته، لكانت عائلتي جائعة الآن.” تبعته أصوات أخرى من القرى المجاورة تشهد بكرم حسان وتفانيه. خجل سعيد من نفسه وغادر المجلس دون أن ينطق بكلمة.

استمرت حياة حسان كما كانت، مليئة بالعطاء والتضحية. لم يهتم بما يقال عنه، لأنه كان يعلم أن التضحية من أجل الآخرين ليست ضعفًا، بل هي قوة لا يمتلكها إلا القليلون.

والسؤال الآن: هل يمكننا أن نضحي بشيء نملكه من أجل شخ

ص لا نعرفه؟ ولماذا؟