البرج المهجور

البرج المهجور: لغز الماضي والحاضر

 

على أطراف قرية صغيرة نائية تحيط بها الجبال، وقف برجٌ شامخٌ ولكنه مهجور، تحدى الزمن بعظمته ولكنه خسر أمام هدوء النسيان. كان البرج محاطًا بشائعات وأساطير، وكل من حاول الاقتراب منه تحدث عن أصوات غريبة وومضات ضوء تظهر في الليالي المظلمة. أطلق عليه السكان اسم “البرج المهجور”، واعتبره الجميع مكانًا ملعونًا.

 

أسطورة البرج

 

تقول الأسطورة أن البرج كان ملكًا لنبيلٍ قويٍ عاش قبل قرون، ولكنه اختفى فجأة في ليلة غامضة. كانت الليلة ممطرة وعاصفة، وقيل إن البرق ضرب البرج، ولكن بدلاً من أن يدمره، أضاءه بضوء غريب أعمى كل من كان في الجوار. منذ ذلك الحين، لم يُرَ النبيل ولا خدمه أبدًا. ظلت الأبواب مغلقة والنوافذ مغبرة، وكأن البرج قرر أن يحبس أسراره للأبد.

 

دعوة للاستكشاف

 

في يومٍ من الأيام، قرر شابان من القرية، سامي وياسين، كسر حاجز الخوف واكتشاف حقيقة البرج. كانا مغامرين يحبّان التحدي، ولم يصدقا القصص التي يرويها كبار القرية. قال سامي لياسين:

“ربما كل هذه القصص مجرد خرافات. ماذا لو وجدنا كنزًا أو شيئًا ثمينًا هناك؟”

رد ياسين بابتسامة مليئة بالحماس:

“فلنذهب الليلة! إن لم نكشف الحقيقة الآن، فلن نعرفها أبدًا.”

 

الليلة المظلمة

 

اختار الشابان ليلةً مظلمة بلا قمر، حيث كانت الرياح تعصف وكأنها تحذرهم. حمل كل منهما مصباحًا يدويًا وحبلًا وبعض الأدوات البسيطة. عندما اقتربا من البرج، شعر كلاهما بشعور غريب وكأن شيئًا ما يراقبهما. كانت النوافذ المكسورة تعكس ضوء المصابيح بطريقة مخيفة، وكأن البرج نفسه ينظر إليهما.

 

قال سامي بصوت منخفض:

“أشعر وكأننا نخطو داخل قصة مرعبة.”

رد ياسين وهو يحاول إخفاء خوفه:

“لا تقلق، نحن فقط نبحث، ولن نبقى طويلاً.”

 

دخول البرج

 

عندما دخلا البرج، كانت رائحة العفن والهواء الرطب تملأ المكان. كانت الجدران مغطاة برسومات غامضة، وكأنها رموز لطقوس قديمة. بدأ الشابان في استكشاف الغرف واحدة تلو الأخرى، ولكن لم يجدا سوى أثاث متهالك ورفوفٍ مليئة بالكتب القديمة المغطاة بالغبار.

 

بينما كانا في غرفة كبيرة في الطابق الثاني، لاحظ ياسين شيئًا غريبًا. كانت هناك مرآة ضخمة مثبتة على الحائط، لكنها لم تعكس صورتهما بشكل صحيح. بدت المرآة وكأنها نافذة تطل على عالم آخر. قال ياسين وهو يشير إلى المرآة:

“هل ترى ما أراه؟”

أومأ سامي برأسه وهو يقترب ببطء:

“هذا غريب جدًا. يبدو وكأننا ننظر إلى عالم مختلف.”

 

اكتشاف الغرفة السرية

 

بينما كانا يتفحصان المرآة، لاحظ سامي وجود نقش صغير في أسفل الإطار. كان مكتوبًا بلغة قديمة، ولكنه تمكن من قراءته بصعوبة:

“المفتاح هو الشجاعة.”

قال سامي بحماس:

“ربما هناك سر خلف هذه المرآة!”

ضغط على إطار المرآة، وإذا بها تتحرك لتكشف عن ممرٍ سريٍ يقود إلى غرفةٍ مظلمة تحت الأرض.

 

الغرفة الغامضة

 

دخل الشابان الغرفة بحذر. كانت مضاءة بمصابيح زيتية وكأن أحدًا كان هنا منذ وقت قريب. في منتصف الغرفة، كان هناك صندوق كبير مزخرف برموز مشابهة لتلك التي شاهدوها على الجدران. حاول سامي فتح الصندوق ولكنه كان مغلقًا بقفل. قال ياسين:

“ربما المفتاح في مكانٍ قريب.”

 

بدأا بالبحث في الغرفة، ووجد ياسين مفتاحًا صغيرًا موضوعًا على حامل خشبي بالقرب من الحائط. عندما استخدم المفتاح لفتح الصندوق، انبعث منه ضوء قوي أجبرهما على تغطية أعينهما.

 

اللغز

 

بعد اختفاء الضوء، ظهرت رسالة مكتوبة على ورقة داخل الصندوق. كانت الرسالة تقول:

“من يقرأ هذه الرسالة، فقد أطلق لعنة النبيل. لن تغادروا البرج إلا إذا حللتم اللغز: ما الشيء الذي لا يُرى ولكنه موجود دائمًا؟”

نظر الشابان إلى بعضهما بدهشة. قال سامي:

“إنه لغز! يجب أن نفكر بسرعة.”

 

الهروب من اللعنة

 

بعد لحظات من التفكير، قال ياسين:

“الجواب هو الوقت! الوقت لا يُرى ولكنه موجود دائمًا.”

رد سامي:

“لنحاول.”

 

قرأ ياسين الجواب بصوت عالٍ، وإذا بالغرفة تهتز والضوء يتلاشى تدريجيًا. عادت الغرفة إلى هدوئها، ولكن الصندوق اختفى وكأن شيئًا لم يكن.

 

النهاية الغامضة

 

خرج الشابان من البرج بأمان، ولكن عندما نظرا إلى بعضهما، لاحظا وجود علامة صغيرة على أيديهما، تشبه الرموز التي شاهدوها في الغرفة. قال سامي:

“ربما اللغز لم ينتهِ بعد…”

رد ياسين بابتسامة مليئة بالفضول:

“ربما، ولكن مغامرتنا الحقيقية قد بدأت الآن.”

 

خاتمة

 

ظل البرج المهجور لغزًا يثير فضول الكثيرين، ولكن سامي وياسين فقط يعرفان الحقيقة. هل كانت اللعنة حقيقية؟ أم أن البرج كان مجرد اختبار للشجاعة والذكاء؟ مهما كانت ال

إجابة، فإن البرج سيظل شامخًا، يحمل أسراره وألغازه لمن يجرؤ على استكشافه.